قل..أنا لهاجاء في السير: أنّ الأنصار عندما أرادوا مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الثانية وقد كانوا شباباً أخذ أصغرهم وهو أسعد بن زرارة بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم وألفت إلى أصحابه فقال: رويداً يا أهل يثرب إنّا لم نضرب له أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله وإن إخراجه اليوم مفارقة للعرب كافّة،وقتْل خياركم،وأنْ تقضكم السيوف، فإما أنتم تصبرون على ذلك فخذوه وأجركم على الله، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفةً فذروه،فهو أعذر لكم عند الله،فقالوا:أمط عنا يدك فوالله ما نذر هذه البيعة ولانستقيلها،فبايعوه رجلاً رجلاً..فوفوا بما عاهدوا وأمضوا أعمارهم في مرضات الله وضحوا بأرواحهم نصرة دين الله فكانوا حقاً كما وصفهم الله (صدقوا ما عاهدوا الله عليه))لذلك كان حقاً على كل من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولا ،وسلك طريق الاستقامة أن يتدرج في مدارج السالكين ، ويترقى في منازل السائرين، ويضرب من كل طاعة بسهم، وينافس للدخول من أبواب الجنة الثمانية ، ويسابق إلى الدرجات العلى بجد ومثابرة،وتضحية ومغامرة، يحمل همة علية ونفس أبية، يدفعه طموح وإصرار وتوكل واحتساب،يسعى ألا يسبقه إلى الله أحدا،ولا يرضى دون الفردوس منزلاً..نحن قوم لا توسط بيننا - لنا الصدر دون العالمين أو القبر
وأن نجعل من عواطفنا الجياشة أعمالاً فاضلة مثمرة،ونصنع من انتسابنا إلى الإسلام مواقف خالدة، ونبرهن على إيماننا بأفعالنا((يأيها الذين أمنوا لما تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)) فأنت أيها المسلم الملتزم بشرع الله تعالى مواهب وطاقات،فهي ثروة هائلة- لكنها مهدرة ، وعملة نادرة- لكنها مهملة،وكنز عظيم لكنه مدفون، وأجهزة عجيبة لكنها معطلة .دوائك فيك وما تشعر - ودائك منك وما تبصروتحسب أنك جسم صغير - وفيك انطوى العالم الأكبرفالكثير منا صار-وللأسف-أرقام بلا رصيد،وأشخاص بلا نفع، وأشباح بلا حركةعدد الحصى والرمل في تعدادهم - وإذا حسبتهم وجدتهم أصفاركما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل)أخرجه أحمد كانوا فيما مضى قليلٌ ـ فهم اليوم أقل من القليلوقال صلى الله عليه وسلم : ((الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة)) رواه البخاري والناس من هو ألف كواحد - و واحد كالألف إن أمر عنا
فلا تسمع حولك إلا جعجعة و لا ترى طحيناً، فقد تحول كثير منا إلا أبواق يردد الشكاوي، ويكثر الأنين، ويشتكى حال الإسلام والمسلمين ، لكن أين العمل الإيجابي؟ أين تغيير الواقع المر؟ أين التطبيق العملي المطلوب؟ أليس إيقاد شمعة واحدة في الظلام، خير من أن تلعن الظلام ألف مرة،قال تعالى(إنّ الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم) نخشى أن ينطبق علينا ما جاء في الأثر (أنه يأتي في آخر الزمان أقوام أخر قصدهم التلاوم) (فاقبل بعضهم على بعض يتلاومون قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين)) بل بعضهم أصبحت المنكرات لاتحرك منه ساكن،والإصلاح لايعني له شيء..فعجبا والله لجلد الفاجر وعجز المؤمن، هم يعملون ونحن نتكلم، هم يجدون ونحن نلهو، هم ينفذون ونحن نفكر، هم يقتلون ونحن نسب ونشتم ،يصدق علينا قول المثل: أو سعتهم شتما وساروا بالإبل ؛ فهؤلاء الضالون يخططون الليل والنهار لقضاء شهواتهم وتحقيق مآربهم وتنفيذ رغباتهم ويذوقون في سبيل ذلك ألماً ومشاقاً وهم على الباطل وليس لهم هدف شريف ولا غاية كريمة فلماذا أخي لا تركب الصعاب؟ وتتجاوز العقبات لنيل أشرف هدف وأكرم غاية؟( إن تكونوا تألمون فأنهم يألمون كما تألمون وترجون لله مالا ترجون )0فأنفض عنك غبار الكسل- يا أخي الحبيب – وأرفع رأسك وأزل عن وجهك غشاء الوهم وأعلم أن العمل للدين مسئولية الجميع لا ينحصر على فئة من الناس أو طائفة من الأمة بل كل من ينتسب للإسلام فعلية جزء من المسئولية حسب قدراته وإمكانياته .فكن – يا أخي في الله – مباركا أين ما كنت وقل:- إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني - دعيت ولم اكسل ولم أتلبد
ولا تردد قول الجاهلي (أنا رب الإبل وللبيت رب يحميه) وردد قول النبي صلى الله عليه عليه وسلم : أنا لها .أنا لها .فيا أبناء الإسلام –من فتى وفتاة- لا تغرينكم الملهيات، ولا تشغلنكم الترهات، ولا تفتننكم الملذات..وإن كنتم ترون من أنفسكم عجزاً و خوراً و ضعفاً عن القيام بالمسؤولية و أنتم أهلها فأعلموا أن هناك أجيالاً سيحملونها و رجالاً سيرفعونها((يا أيها الذين أمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه 000000)) ويقول تعالى مستغنياً عنهم وعن طاعتهم (ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد)0 ويقول(وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم)..