نحن غرابا عك عك !!

" يعني إيه كل الناس تصرف 50 جنيه والمحامين لأ !! هو إحنا ولاد البطة السودة ومش واخدين بالنا"


بعد فترة من الشد والجذب بينهما علمت أن العلاوة تم صرفها لجميع العاملين ما عدا المحامين الغلابة وغلى الدم في عروقي أنا أيضاً
وظهر الماضي القريب أمام عيني كشريط سينمائي ودخلت في وصلة ردح ولكن محترمة في بدايتها سرعان ما انتهت لوصلة عشوائية من زميلي
الغريب في الأمر أن السيد أمين الصندوق كان هادئاً لدرجة تصل إلى البرود وربنا ما يوريكم لما تتخانق مع واحد بارد
كل شوية يقولك أنا عبد المأمور ودي أوامر
أقوله يا بيه دلنا على المأمور بتاعك عيب كده دي خمسين جنيه لا راحت ولاجت بس المبدأ نفسه مش كويس
يبقى إحنا اللي مطرمطين هنا وهناك وبنصرف من جيوبنا وبيكفرونا ويدعوا علينا وانتم هنا قاعدين توزعوا علاوات على بعضيكم
اتصلنا بالسيد رئيس مجلس الإدارة والمدير ولفيف من السادة أعضاء مجلس الإدارة بعد انضمام بعض الزملاء لنا
ونجحنا أخيراً في الموافقة على منحنا الخمسين ملطوش بعدما تعهد البعض للسيد المدير بمساندته في الانتخابات
وراجعت هؤلاء المتعهدين

"انتم فاكرين إنه هينجح دا بعده .. شوفوا أسماء الجمعية العمومية كلها من الناس القدامى يعني لو وقف على ديله هو واللي معاه مش هياخدوا صوتين على بعض "


متعهد : " يا عم أهو كلمتين لا يودوا ولا يجيبوا ..المهم أخدنا حقنا.. ثم خلي بالك المدير ده اللي هينفعنا قدام بعد الانتخابات لو نجح يعني العقود هتتجدد وأكيد بمرتب أعلى لو وقفنا معاه "


" اقف انت لوحدك عن نفسي تعبت من الوقفة ولازم أرتاح شوية ..

كان يوم الانتخابات حافلاً وتوقعت سقوطاً مروعاً للمدير وأتباعه حتى لو كان ذلك فيه خروجي من المؤسسة فهو أرحم من رؤية طلعته البهية كل يوم
ولكن الغريب أني وجدت زحاماً شديداً تعدى أعداد الجمعية العمومية بمراحل ولم ألحظ شخصاً واحداً ملتحي !!
وعندماتسلمت أسماء من لهم حق الانتخاب صعقت عندما وجدت أسماءاً جديدة تماماً غير التي راجعتها بنفسي منذ أيام
وذهبت على الفور لرئيس مجلس الإدارة وأطلعته عل الأمر وأن هذا غير قانوني
وجدته يبتسم فكان رجل طيب وفي حاله ولهذا اختاروه لهذا المنصب !

" يا حبيبي هات لي حاجة واحدة قانونية في كل اللي بيحصل ده .. جت على الكشوف دي يعني
كلنا هنا بنفذ هدف معين ولازم يتحقق بينا أو من غيرنا هيحصل فكبر واسكت زي ما أنا ساكت "


أخدت الكلمتين وبلعتهم لأنه ببساطة عنده حق وتمت الانتخابات وطبعاً نجح المدير وجميع أعضاء مجلس الإدارة المعينون وفرقنا الحاجة الساقة وأكلنا الجاتوه والذي منه
وتاني يوم وصلني تليفون من صديقي الذي رشحني لهذ المنصب

" إيه يا عم إنت عملت إيه ؟"


"هعمل إيه بس كل حاجة زي الفل واللي عايزينه حصل "


"اصلهم عملوا اجتماع النهاردة وعينوا ناس جديدة في الشئون القانونية وانت مش منهم "


ضحكت بشدة " حاجة معروفة هم محتاجين ناس صم بكم عمي وما يعرفش غير كلمة حاضر "


"وطبعا سيادتك عملت برم كالعادة وآدي النتيجة طيرت الوظيفة من إيدك "


استمر ضحكي " وظيفة إيه يا حج !!إنت صدقت .. أنا صرفت قد اللي أخدته عشر أضعاف ثم أنا طول عمري بحب أكون حر وببعد عن أي وظيفة حكومي وحد يتريس على حتى لو هموت من الجوع "


" بس أهو دخل إضافي بجانب شغلك يعني حاجة لزوم المعايش ومش هتخسر "

" لا على الأقل هخسر نفسي .. قول شعارات وكلام فارغ بس كويس إنها جت منهم وعينوا مين على كده "


" واحد قريب المدير والتاني ابن اخت رئيس مجلس لإدار وواحد تبع أمين الصندوق وزودوا المرتبات خلوها 200 جنيه "

" يا وعدي تصدق بدأت أندم فعلاً 50 جنيه زيادة مرة واحدة! "

اتجهت لعملي الحقيقي وقابلت بالصدفة زميل لي كان من ضمن فريق العمل الخاص بالمطرودين وجدته كمن يتجاهلني وصممت على معرفة السبب وعندما عرفت أنها بسبب وجودي الفترة الماضية في فريق الكفار كما يعتقدون
أوضحت له كل الملابسات وعندهاا نفجر بالضحك على غير عادته واحتضنني بشدة وقال لي " أهلاً بك مرة أخرى "


ضحكت أنا الآخر " يعني اقول الشهادتين تاني يا عم الشيخ.. محسسني إني كنت مرتد "

والحقيقة أنها كانت تجربة مفيدة فعلاً على الرغم من قصرها والتي لم تتعد الثلاثة شهور يعني خبطت فيهم 300 جنيه والخمسين جنيه النفحة ودخلت في دهاليز عالم سمسم العجيب والذي لا يوجد فيه كلمة مستحيل
وأنك عندما تريد أن تصل لمكانة ما في هذا البلد عليك أن تترك مبادئك وافكارك ونفسك في الخارج..!!!!