تذكرتك يارب و أنا أمشي في هذا العالم فشعرت بالغربة و الانفصال و لم أجد أحدا أكلمه و يكلمني و أفهمه و يفهمني.. نبذوني كلهم و رفضوني كما نبذتهم و رفضتهم.. و أحسست بنفسي وحيدا غريبا مطرودا.. ملقى على رصيف أبكي كطفل يتيم بلا أم.
و سمعت في قلبي صراخا يناديك.
كانت كل خلية في بدني تتوب و تئوب و ترجع و سمعتك تقول في حنان.. لبيك عبدي..
و رأيت يدك التي ليس كمثلها شيء تلتقطني و تخرجني من نفسي إلى نفسك.
و اختفى ديكور القماش و الورق و ذاب مسرح الخدع الضوئية.
و عاد اللا شيء إلى اللا شيء.
و عدت أنا إليك.
لا إله إلا أنت.
سبحانك
و لا موجود سواك
القرب منك يضيف.
و البعد عنك يسلب.
لأنك وحدك الإيجاب المطلق.
و كل ما سواك سلب مطلق.
علمت ذلك بالمكابدة و أدركته بالمعاناة و عرفته بالدم و العرق و الدموع و مشوار الخطايا و الذنوب و أنا أقع في الحفر و أتعثر في الفخاخ.. و كلما وقعت في حفرة شعرت بيدك تخرجني بلطف و كلما أطبق عليّ فخ رأيتك تفتح لي سبيلا للنجاة.. و كلما وضعوني في الأغلال و أحكموا عليّ الوثاق شعرت بك في الوحدة و الظلمة تفك عني أغلالي و تربت على كتفي في حنان و إلهامك يهمس في خاطري.. أما كفاك ما عانيت يا عبدي.
أما اتعظت.. أما اعتبرت.. أما جاء اليوم الذي تثبت فيه قدمك و تتقر خطاك على الطريق.
فأقول باكيا.
سبحانك يارب و هل هناك تثبيت إلا بك و هل هناك تمكين إلا بإذنك.
أنت وحدك الذي أصلحت الصالحين و ثبت الثابتين و مكنت أهل التمكين.
تعطي لحكمة و تمنع لحكمة و لا تسأل عما تفعل.
شفيعي إليك صدقي.
و عذري إليك حبي للحق.
و ذريعتي إلى عفوك رغبتي في الخير.
فمن خطيئاتي نبتت الحكمة كما تنمو أزهار الياسمين من الأرض السبخة.
و من دموع ندمي علمت الناس فصدقوني حينما كلمتهم لأنهم رأوا كلماتي مغموسة بدمي و من عثراتي و سقطاتي أضأت مصباحا هاديا يجنب الناس العثرات.
و كل من عبر طريقي قلت له كلمة صدق و دللته على السلامة.
د / مصطفى محمود[b]